فتوى بعنوان: حدود ولاية الأب على ابنته والسؤال هو: ما حدود ولاية الأب على ابنته؟
قال – الله تعالى-: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43].
دار الإفتاء المصرية مؤسسة عريقة تهتم بإفتاء الناس في وقائعهم الحياتية انطلاقًا من صحيح الإسلام وبعيدًا عن كل إفراط أو تفريط، فهي تقف شامخة في طليعة المؤسسات الإسلامية التي تتحدث بلسان الدين الحنيف، وحرصًا من دار الإفتاء المصرية على إيصال الحكم الشرعي الصحيح إلى أكبر عدد من المستفتي وإيماناً منا بهذا المجهود نحاول تقديم بعض اللأسئلة المختارة التى نحاول أن ننتفع بها جميعاً بإذن الله تعالى والإجابة هى :
الولاية في اللغة بالكسر: السُّلطان، وبالفتح والكسر: النُّصرة، ومنه قوله تعالى: ﴿هُنَالِكَ الْوَلَايَةُ للهِ الْحَقِّ﴾ [الكهف: 44]؛ أي: النُّصرة له وحده لا يَقدِر عليها غيرُه سبحانه.
وأما في الاصطلاح: فمِن أحسنِ ما قيل في حَدِّها: إنها سُلطةٌ شرعية تُمَكِّن صاحبها مِن التصرف الصحيح النافذ لنفسه أو لغيره جبرًا أو اختيارًا.
والتناسب بين المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي ظاهرٌ؛ لأنّ الولي قريبُ مَن تحت ولايته وناصرُه ومُتَولي النَّظَر في شؤونه.
والولاية تنقسم باعتبار موضوعها إلى: ولاية على النفس، وولاية على المال، فالولاية على النفس يقوم الولي بمقتضاها بالإشراف على الشؤون الشخصية لمن تحت ولايته؛ مثل: التأديب والتعليم والتطبيب والتزويج والعمل، وأسباب قيام الولاية على النفس أربعة: الصغر، والجنون، والرق، والأنوثة.
وأما الولاية على المال فيقوم الولي بمقتضاها بالإشراف على الشؤون المالية لمن تحت ولايته؛ كالإنفاق، وإبرام العقود، وتنفيذ ما يتعلَّق بحقوقٍ للمُولى عليه قِبَل الغير وما يتعلق بحقوقٍ للغير عليه، مع العمل على حفظ ماله واستثماره وتنميته، وسلطة الولاية إما أن تكون أصلية، تَثبت بإثبات الشارع مِن غير حاجة إلى مُثبِتٍ مِن البشر، ولا يملك صاحبُها عزلَ نفسه منها؛ لأنها لم تثبت له بإرادته، وهي مُنحصرة في ولاية الأب على مال ولده القاصر، أو تكون سلطة نيابية، يستمدها صاحبُها من شخص آخر؛ كالوصيّ الذي يَستمد ولايته من الأب أو الجد أو القاضي، والوكيل الذي يستمد ولايته من موكله، ونحو ذلك. وتستمر هذه الولاية ما دام الوصف الموجِب لها قائمًا، فإن زال انقطعت، وسبب مشروعية هذين النوعين مِن الولاية هو القيام بمصالح المولى عليه ورعايته.
وجَعلُ الأب أصيلًا في الولاية؛ سببُه: أنّ الأبوةَ داعيةٌ إلى كمال النظر في حق المولى عليه؛ لوفور شفقته، وهو قادر على ذلك؛ لكمال رأيه وعقله، والصغير عاجزٌ عن النظر لنفسه بنفسه، وثبوتُ ولاية النظر للقادر على العاجز عن النظر أمرٌ معقول مشروع؛ لأنه من باب الإعانة على البر، ومن باب الإحسان، ومن باب نجدة الضعيف وإغاثة اللهفان، وكلُّ ذلك حَسَنٌ عَقلًا وشَرعًا؛ ولذلك فإن كان مَبنى تصرف الأب مع ابنته بموجَب ولايته يتنافى مع البر والشفقة والمصلحة الحاليَّة والمستقبلية، بحيث يضر بها ضررًا محضًا، أو كان يرمي إلى تحقيق مصالح مَوهومة أو قليلة الأهمية لا تتناسب مع ما يصيبها مِن ضَرَرٍ بسببها، فإنه بذلك يكون مُتَعَسِّفًا في استعمال حقه؛ لأن الحقوق في الشريعة الإسلامية ليست مُطلَقة شأنها في ذلك شأن الحريات، وليست مَحض استبداد وتسلط يستعمله صاحبه وقتما شاء وكيفما شاء، بل هي مُقَيَّدَةٌ بتحقيق غاياتها من جلب المصلحة ودفع المفسدة.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
العــنوان:
القاهرة – الدراسة – حديقة الخالدين – ص.ب. 11675
تليفــون:
من داخل مصر: 107 (من الساعة الـ9 صباحًا حتى الـ 9 مساءً)
من خارج مصر : 25970400-202
فاكــس:
25926143
تعليقاتكم وآرائكم تهمنا فلا تحرمنا الدعم والنصيحة