قال – الله تعالى-: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43].
فتوى بعنوان: طهارة الأطقم الطبية المعالجين لمرضى كورونا
والسؤال هو: نحن مجموعة أطباء نعمل في إحدى مستشفيات عزل مرضى "فيروس كورونا"، ويستمر عملنا لساعات طويلة، ويَدخُل في هذه الساعات أكثر من وقت صلاة مفروضة، ويتعذَّر علينا خَلْعُ الأوقية التي علينا للوضوء؛ فهل يجوز لنا ترك الوضوء في هذه الحالة؟
والإجابة هى :
من شروط صحة الصلاة: الطهارة مِن الحدثين الأصغر والأكبر؛ لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾ [المائدة: 6]، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ» رواه البخاري.
والطبيب الذي يَقْضِي وقتًا طويلًا في علاج مرضى "فيروس كورونا" ويرتدي الملابس الطبية الواقية لحمايته من الإصابة بالمرض؛ لا يَسْقُط عنه شرط الوضوء لصحة الصلاة؛ لإجماع الفقهاء على اشتراط الطهارة للصلاة. فإذا تَعذَّر على الطبيبِ المعالجِ خَلْعُ الملابس الوقائية التي يرتديها للوضوءِ للصلاة؛ فيُصار إلى البَدَل في الطهارة؛ وهو التيمم، والبَدَل -وهو التيمم هنا- يُصار إليه عند تَعذُّر الأصل الذي هو الماء؛ سواء كان التَّعذُّر حُكْميًّا أو حقيقيًّا، والتَّعَذُّر الحقيقي للوضوء: عدم وجود الماء، والتَّعذُّر الحكمي: عدم القدرة على استعماله؛ وعُذْر الطبيب في هذه الحالة عُذرٌ حكميٌ.
والأصل في مشروعية التيمم قوله تعالى: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ [المائدة: 6]. ويكون التيمم بكل ما هو من جنسِ الأرض أو أجزائِها المُتَولِّدةِ عنها، ويَحْصُل التيمم بضربتين: ضربة للوجه، وضربة لليدين إلى المرفقين.
فإذا تَيَمَّم الطبيبُ المُتَعذِّرُ استعماله للماء هكذا؛ فقد اختلف الفقهاء فيما يصح فعله بهذا التيمم الواحد؛ وما عليه الفتوى -في هذه الحالة- أنَّه يُصَلِّي بهذا التَّيمُّم ما شاء من الفرائض والنوافل أيضًا؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ الصَّعِيدَ الطَّيِّبَ وُضُوءُ الْمُسْلِمِ، وَإِنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ عَشْرَ سِنِينَ» رواه الترمذي من حديث أبي ذرٍ رضي الله عنه.
أَمَّا إذا تَعذَّر التيممُ أيضًا على الطبيب المعالج ولم يستطع خَلْع الملابس الوقائية التي يرتديها؛ فحكمه في ذلك حكم فاقد الطهورين؛ فعليه الصلاة على حاله بلا وضوءٍ ولا تَيَمُّمٍ مراعاةً لحُرْمة الوقت، ولا يجب عليه إعادة ما صلَّاه؛ كما هو الصحيح من مذهب الحنابلة. وتقدير تَعذُّر الوضوء أو التيمم مَرْجِعه إلى الطبيب نفسه؛ فهو أدرى بحاله وما يحيط به وبالمرضى من أخطار، مع الأخذ في الاعتبار أن يُعْلي الطبيبُ مصلحةَ المرضى الذي يرعاهم؛ فتغيير الطبيب لصفة أداء الصلوات بشروطها كما اعتادها؛ هو من الرُّخَص التي شرعها الله تعالى، لكن تقصير الطبيب في رعاية مرضاه -لا سيما في أوقات الأزمات التي نحن فيها من الفيروس المنتشر- يؤدي إلى فسادٍ في الأنفس، ويُعرِّض حياة الإنسان إلى الخطر، ومن المقاصد الشرعية العليا حفظ النفس، وتعد أهم الضروريات المقاصدية الخمس التي قام على أساسها الشرع الشريف؛ فكان حفظها أصلًا قطعيًّا، وكليةً عامةً في الدِّيْن.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
قال – الله تعالى-: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43].
دار الإفتاء المصرية مؤسسة عريقة تهتم بإفتاء الناس في وقائعهم الحياتية دار
هذه الإجابة نقلاً عن دار الإفتاء المصرية
https://www.dar-alifta.org/AR/Default.aspx
العــنوان:
القاهرة – الدراسة – حديقة الخالدين – ص.ب. 11675
تليفــون:
من داخل مصر: 107 (من الساعة الـ9 صباحًا حتى الـ 9 مساءً)
من خارج مصر : 25970400-202
فاكــس:
25926143
مواضيع أخرى
إرسال تعليق
تعليقاتكم وآرائكم تهمنا فلا تحرمنا الدعم والنصيحة